صديقي القارئ، يُحكى بأنّ رَجُلاً كان يحمل حقيبة في يده، مُنتظِراً دوره داخل صفّ طويل أمام نافذة أحد المصارف. وفي خارج المصرف يقف سارق
ينتظر بفارغ الصّبر، خروج أيّ شخص من المصرف، لعلّه يسرق له حقيبته.
بعد قليل لاحَظَ سارقنا المُنتظِر خارج المصرف أنَّ الرَّجُل القابع في دوره، يترك حقيبته ويغادر مكانه.
انتظر السّارق لحظات فَدَقائق. ومن ثمّ لحظات ودقائق أُخرى، لكنّ الرَّجُل صاحب الحقيبة، كان قد تأخّر في العودة إلى الرَّتل الطّويل.
لذلك، دخل السّارق بأدَب إلى المصرف. وقف مكان الرَّجُل إلى جانب الحقيبة، ثم ما لَبث أن أمسكها بيَده وخرج من رَتل المُنتظرين أمام الشّباك، وانسلّ هارباً خارج المصرف، فَرِحاً بالحقيبة التي فاز بها.
وضعها في سيّارته، شغّل محرّكها وانطلق مُسرِعاً، وفي الطّريق انفجرت سيّارته.
في المساء، أعلنت وكالات الأنباء الخبر التّالي: انفجار سيّارة بسبب حقيبة ملغومة في ظروف غامضة، الضّحيّة واحد من أرباب السّوابق.
الطّمع قاد هذا الرَّجُل إلى السّرقة، وإلى مصير أسود.
حُبّ الامتلاك لحقيبة كانت ملغومة، جعل نهاية صاحبها محتومة.
ما مصدر الطّمَع والرّغبة القويّة في الامتلاك؟
إذا تأمّلنا قليلاً في مصدر هذه النّزعة، سنجد بأنَّ مصدرها هو تمركُز الإنسان حول نَفْسه. فنَفْس الإنسان العادي ورغباته واحتياجاته هي مركز حياته، وجميع الأشياء تدور حول هذا المركز وضمن هذا الفَلَك.
ولكن! ما الذي حدث للإنسان لمّا تمركز حول ذاته؟
أوَ ليست هذه مشيئة الله للإنسان أن يأكل ويشرب، يتزوّج ويُنجِب. ويعيش حياةً آمنة؟
نعم هي مشيئة الله في أن يعيش الإنسان حياة آمنة مُرفَّهة وأفضل. لكنّ السّقوط في الخطيئة الأصليّة جَلَبَ اللعنة عليه بَدَلَ البَرَكة، وبالتّالي اختلفت دوافع الإنسان واتِّجاهاته من نحو نَفْسه ومن نحو الله والإنسان الآخَر بعد هذا السُّقوط المُريع.