يؤمن المسيحيون بإله واحد لا شريك له، غير محدود، مالئ السماوات والأرض، خالق الكل، أزلي قبل الأكوان، أبدي لا نهاية لملكه.
هذه الحقيقة واضحة تماماً في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. فيذكر لنا سفر التثنية في العهد القديم مثلاً: "اسْمَعُوا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ: الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ، فَأَحِبُّوا الرَّبَّ إِلَهَكُمْ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ وَنُفُوسِكُمْ وَقوَّتِكُمْ. التثنية6: 4. ويؤكد الرسول يعقوب في العهد الجديد على هذه العقيدة بقوله " أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ؟ حَسَناً تَفْعَلُ !" يعقوب2: 19. وهكذا ردد المسيحيون ما يؤمنوا به عبر العصور فقالوا " بالحقيقة نؤمن بإله واحد خالق السماوات والأرض". قانون الإيمان النيقوي.
لكن وحدانية الله كما أعلنها لنا في كتابه المقدس هي وحدانية جامعة ومن هنا جاء مفهوم التثليث. هذا المفهوم لا يعني مطلقاً وجود ثلاثة آلهة كما يتوهم البعض ولكن هذا المفهوم يعني أن الله الواحد:
# موجود بذاته فأعلن مسمياً نفسه "الأب"
# ناطق بكلمته فأعلن مسمياً نفسه "الابن – الكلمة"
# حي بروحه فأعلن مسمياً نفسه "الروح القدس"
لذلك يجب ألاّ يُفهم من هذه المسميات، وجود علاقة جسدية كما في المفهوم البشري (أب – وابن) وإنما دلالاتها روحية بالكامل. كذلك هذه المسميات لم تأت من وضع إنسان أو اختراع بشر وإنما هي كلمات الوحي الإلهي كما جاء في الكتاب المقدس.
ومن هنا يتضح لنا الاستنتاج التالي كما لخّصه لنا أحد العلماء إذ يقول " لا يمكن أن الله الواحد الذي أوجد الموجودات كلها، يكون هو نفسه بلا وجود ذاتي. ولا يمكن أن الله الذي خلق الإنسان ناطقاً، أن يكون غير ناطق بالكلمة. ولا يمكن أن الله الذي خلق الحياة في كل كائن حي، أن يكون هو غير حي بالروح. لذلك تحتم أن يكون في الله الواحد، ثالوث أقدس. وهذا هو المصطلح المعروف " إله واحد في ثلاثة أقانيم".
ولربما تجد صديقي هذا الأمر بالغ الصعوبة في الفهم. وأنا معك في ذلك، ولكننا نتكلم هنا عن طبيعة وشخصية خالق الأكوان، فكيف يقدر الإنسان المخلوق استيعاب كل شيء عن خالقه العظيم.....؟